الخميس، ٢٣ تموز ٢٠٠٩

في الطريق إلى المذبح !










من يجرؤ أن يُقبِّل جثة ؟ 

بدءاً من شفتين مضمومتين ، ذابلتين ، بعد أن غادرهما نبيذ الكرز المُعتق ، وجدائل مصفوفة تتدلّى من أعلى وجع / يباس، ُتُناغي النهد المكشوف المُتخم بالريح تارة وضرم اللهيب تارة أخرى، الثوب الأبيض القريب من خزانتها البعيد عن قلبها، الموثق حاضرها بأزمنة منسيّة ينوح اغتراب تفاصيل جسد مفقوء بالصمت، يحدق في الجمر المتأجج وسط الإكليل ، يستنطق العتمة التي تسكن محاجرها المُتورِّمة، عساها تهبها بصيص نور متخفي ...
ولأن الموت مكعبات مُلقاة بعشوائية في القارعة ، مدّت ذراعها الصغيرة كـ جناح طائر كسيرٍ، ما أفلت من رصاص طائش ، لـ يتقدم بها إلى الأمام ؛خطوةً ، خطوتين ، تتقدم برفق - تحترق - في طريقها إلى الجحيم!
تأوهت مضروعة للشموس التي بصقت لعنتها الإلهية في دربها المعوسجة ،المغشاة ببساط أحمر قانٍ ، عارٍ من كل ظل ، يمد جسدها الوهن بالقوة والصلابة !
- من يملك أن يُخمد حريق الجثة!
- من يسجن ابليس الهارب / العاري من كل الطوائف ،ويجعله يدفع ثمن خطاياه !
- من يقرأ الشهادة ويسكتُ نعيق الغربان الجائعة ، المُتحلقة حول سماءها باستمرار!
دقات قلبها الأرجواني تتعاظم وتخفت ، رائحة المر واللبان تفوح من المباخر ، نغمات الموسيقى / النحيب ، تعلو الطواف المشبوه ، المحيط بالفؤاد المسحوق لوعةً ، تنفث في تكوينها الغض ، لهاث عِلَّةٍ غريبةٍ تغتالها من بين ضلوعها، يقف الموكبُ إجلالا للموقف ، تمتد يده الخشنة لـ تحتضن أناملها المُكفَّنة ، كأنه يُريد أن ينفخ في جسدها السَّقيم ، زهرة الفرح ويُحوِّل
وجهها الغارق في الشحوب إلى واحة مفروشة بالورود الندية والياسمين ،ركعا أمام المذبح المُصفَّح بِرقوقِ العاج والذهب في انتظار المباركة الأبدية،
كانت تلك اللحظة التي سلَّمها فيها ملذات الحب ومباهج الحياة، هي نفس اللحظة التي سلَّمته فيها حريتها ومرافئ الموت ..!

;;