الجمعة، ٢٦ شباط ٢٠١٠

المنفى المُتزاوج !






إلى أين ..؟!
فها أنذا فارغة من الآخرين ، أعيش وحيدة بداخلي كـ كوخ بغابة غجرية ،
كـ مهرةٍ في الإسطبل ، كـ قطةٍ تموءُ قرب الجمرِ تستدرُّ شفقةَ الشتاءِ ،
كـ شجرةِ برتقالٍ بُعثت في أرضٍ لاشرقيَّةٍ ولا غربيَّةٍ ، كـ وثيقةِ سفرٍ محظورة ،
كـ خيوط دخانٍ متعرِّجةٍ بين سيجارتينِ ،
كـ قرقعةِ الأصفادِ في الأقبية ، كـ حشرجاتٍ بين الحيطان الضيقة ، كـ نافذةٍ مُوزَّعةٍ بين الألم
والأمل
تُطلُّ على قمرٍ وليدٍ يحبو وئيداً في تلك الرقعة اللانهائيةِ من السماءِ ، كـ كوكبٍ بعيدٍ عن مداركِ الجاذبية ،
كـ تقويم الوقتِ يدسُّ رأسهُ في الزَّمان البَليِّ ، كـ خِرافِ ريحٍ تعوي تحمل في رحمها الكثيف نجمةً مهشَّمةً ،
كـ حلمٍ غامضٍ ينحدرُ السكِّينُ فيه إلى ذروةِ الوريد كـ قرع طبولٍ تُحاول أن تُسكتَ صرخات النار في جوف القتيل ،
و كـ حبلٍ تدلَّى حتى انقطع ..!
لقد تركتُ لهم هناك كل شيء ، حتَّى أشيائي المُحبَّبة تركتها نهباً للغبار والعزلة ،
ولمْ ألِنْ أمام الحنين الممتد بمساحة العالم ، الذي انغرس بي حدَّ العظم
كـ مديةٍ منقوعة بالسُّمِّ والملحِ الحارقِ الموغلِ داخل الجلد المُتيبِّس...
مُتفرِّدةٌ هنا ، مُتدثِّرةٌ بالعتمة ، لايُؤنسُ وحدتي سوى مصابيح مُعلَّقةٍ ،
وفحيحُ ليلٍ طويلٍ لايفقأ بؤبؤهُ إلا خيوط بيضاء مبعثرة ، وشقشقة طيورٍ فوق قباب متساقطةٍ
يأكلها الصدى ودبيبُ حطامٍ مهجورٍ....
أي فراغ هذا، الذي يُقايضُ واقعي المُبهم بوثنيَّةِ الوحشة ؟
أعرف تماماً أن ما من شيءٍ يربو في الفراغ ، بلا جذورٍ لايثبتُ غيرُ الوهمِ ،
العيش معهم منفى ، والعيش بدونهم منفى آخر ،
- آه....ما أصعب المنفى المُتزاوج !

الاثنين، ٨ شباط ٢٠١٠


قايضتُ ألف غيمة بمعطفه ،لأتدثر به هذا الشتاء
وذات صباح بارد ، حزمه بين أمتعته وغادر
لا عاصم لي سوى السماء ، فهي ملاذ التائهين أمثالي !


ها أنا أودع الأيام الخوالي وأقتطعها من ذاكرتي
لأُطيرَها كما الطائرات الورقية من شرفة هذا القطار !




الرحيل ليس سيئا إلى هذا الحدّ
طالما لم أجني من حبك سوى الفُتات !



ما رائحة الغياب !






لاتفتحي فاهكِ هكذا !
لم يعد بالحياة مايدعو إلى الدهشة.

الخميس، ٤ شباط ٢٠١٠

حيث تفنى المسافات ....






هل جربتَ يوما
الرقص تحت المطر ؟
هكذا بلا موعد مسبق
في حضن الشتاء
ولسعة برد لذيذة
تتغنج مع الرذاذ
المتتالي لـ ماء السماء
وأعمدة الإنارة
الموزعة بشكل عشوائي
في شوارع
المدينة الصامتة
أمام صخب
إيقاعات حُرَّة
لا تَحُدُّها الأسوار
متلاعبة بين انعطافات الأشجار
ماذا قلتَ ؟
لاأعرف تماما
إن كانت الرقصة
تستدعي ثيابا رسمية
كلما أعرفه الآن
وفي هذا المكان
أن كل خطوة تخطوها معي
قادرة على ترتيب الكلمات
في فمي...
هاتِ يدك
لأضيع مني...
وتتسع الأرض لفرحنا
لا تفكر في شيء إطلاقا
لا في أن تتعثر قدمك
بأطراف فستاني الفضفاض
ولا من يقود خطوات الآخر
بشكل مدروس
فلا أجمل من رقصة ارتجالية
تُحاكينا ، فَـ نَتُـوه..!

;;