الثلاثاء، ٣ كانون الثاني ٢٠١٢








لن أقول لك أني شعرت بخواء يعبر جوفي وأنا أُصغي لكل البشاعات التي تفوهّت بها ، وأن دواراً أصابني وجعل الأرض من تحتي تميد ، لم تُمهلني الوقت لأستوعب ، وها أنذا أصمُّ آذاني لئلا أسمعك ، وتُغمض عينيك حتى لا ترى جرحي ، لا أصدق كيف تُقدِّم هزيمتنا للغرباء ، مُرفقة بالشموع والكمنجات ، كيف تُشعل النار في أحلامنا ، كيف تُحوِّلها إلى فقاعات صغيرة أجاهد عبثاً كي لا تنفجر !
الغياب والخيبة هما كل ما يؤثِّثُ وجعي الآن ، ويمنحانني شبهاً بورق الخريف الأصفر، يمتصّني الفراغ بعد أن كنتُ مشبعةً بكَ كـ إسفنجةٍ ، لا نديم إلا الصمت يتوغَّلُ فيَّ حتى النخاع ، لا أدرِ، هل يَهُمُّ من سيلثم الندى في الصباح عندما يجفُّ الورد ، ومن يهزُّ أعشاش الطيور حينما ترحل الرياح ؟!
بتُّ أتساءل ، هل كان حبنا خسارتنا ؟
كانت الوردة البيضاء التي دسستُها في يدك على حياءٍ أول مرة ، مليئةً بالفراشات والنقاء كوليد خرج للتو من رحم أمه ، ينحتُ شوقاً دفيناً لحضنها ، واليوم فقدَتْ أوراقَها وأصبحت شاحبة وعارية من كل شيء عدا يقينها بأنها لم تعد مُشتهاة ، وأن يدكَ تخلَّت عنها تماماً بعد أن سحقتْ رحيقها بكل بساطة .
يبدو أن الوحدة التي تلتف بي كـ شجرة الأيْك الآن ، تليق بالحزن الذي لا هوية له إلا أنا ، وبجلوسي هنا وسط كومةٍ من القصاصات والذكريات ، والأوراق البيضاء التي أزرع فيها أسئلتي عن كمِّ الإنكسارات التي كانت تلزمنا لندرك أننا طيلة الخمس سنوات الماضية ، كنَّا مخطئين في التفاصيل التي نسجناها حول شكل حياتنا معاً ، وما كنا نخالُهُ أبدياً سيدوم حوْلاً فقط ، يبدو أن هذا قدرنا مع من نحبهم ، لا يرتاحون إلا إذا وأدوا أجمل ما فينا ، عندما لا يبقى في أرواحنا متَّسَع ليشفيه العمر.

;;