الخميس، ٢٣ أيلول ٢٠١٠





كل يوم أفصِّلك بذات الجنون على جسدي ، أرسمك فوق خارطتي بلدا أو وطن ، تختلط عليَّ الأوقات والفصول والقرون ، ذاك حسي بالزمن وبمواعيدك المؤجلة والأمنيات البعيدة وبغيابك الذي له ملمس لوح إسمنتي يقصف ظهري ، يأكل قدمي ، يلتهمني كما يلتهم محرك السيارة آخر جرعة بنزين ، يمتصني في المدى الذي لا عطفة فيه ، يلتص بداخلي آلالاف اللاءات واللماذات التي تعشوشب على أطراف لساني في انكسار كنهار مغبر قبعة سائح يجوب أزقة تحت شمس أغسطس ، يحاول أن يدَّخر الهواء اليقظان ، ويقطف مسافة ثانية لـ غدٍ مختبىء في عربات الباعة المتجولين ، يتسول مراجيح وظلالا..

جارحة هذه الجدران الزرقاء بدونك ، تمارس دنوا مباغتاً ، تزاول نزقا عنيفاً إزائي فيتنامى إحساسي بالضيق ، تتراصف في مراياي تباعا ، لا لتأوِّلني بل لتكون رهان الجسور وأكون الخسارة المُجنحة .

مضيتَ من هناك آخذاً البعيد في جبايتك ، وأخذك البعيد في جبايته كأنما يحاكي أحدكما الآخر بمجد لا أثر للملحمة فيه ، ماذا ينبغي علي فعله في المكان الذي قد تعود إليه / أو لن تعود ؟؟

وأنت والطائرة كما خليلين ، تدس نفسك في جوفها ، تتستَّر بك المسافات وتُمليك على أبعاد لا تُرى .

تمضي الأيام ، رصيف الشارع ، السياج ، أعمدة الكهرباء ، حديقة الصَّبار ، دوالي العنب ، بيوت الحي بيتاً بيتاً ، محل مصفِّفة الشعر ، الأصص المتراصَّة على السُّور، الهررة الصغيرة في آخر الزقاق ، شجيرة الحبق التي أخبرتك أني أحبها ، فحفرت إسمينا عليها كل ذلك مضى ....

وبقيت أنا هنا يدلقني الحنين في قارورته ، يوماً بعد آخر وحزناً في عقب حزن.

إلهي..، لا تقتلني من فرط الإنتظار.




;;