الجمعة، ٢٣ أيلول ٢٠١٦







يحدث أحياناً عندما نُفكِّر بطريقة مختلفة فيما يخصُّ علاقاتنا الإنسانية بأنه علينا أن نتخلّى عن مواقفنا الحاسمة اتجاه الأشياء لئلا نخسر من يهمُّنا أمرهم،

 يُصادف أنّنا مع الوقت لا نتخلّى عن مواقفنا فحسب بل و عنّا أيضاً ونُصبحُ تدريجيّاً لا أحد ، نُصبحُ كل ما نتخلَّى عنه...
 
رهيبٌ أن تُفكرّ أنك لا تحصلُ على ما تريد بالنهاية، بل تَحصلُ على ما تتخلّى عنه في سبيل ما تُرِيد ، وهنا أنتَ لا تحمي علاقاتك بقدر ما تستسلم لطمأنينة مزيفة!

الحقُّ أنني، كنتُ أدير ظهري لنفسي لمدةٍ طويلة ، أطوَل بكثير مما يستغرقُ أيُّ محدود ذكاء حتى يُدركَ أنه يُجدّف في المكان الخطأ، لم أكن أجهل ذلك تماماً  وإنّما تظاهرتُ بذلك من أجل مبدأ " حماية العلاقات من التلف" ، ذاك كان خاطري عندما كنتُ أتعمّد ألاّ أرى . 

اعتدتُ الصمت عن كل شيء ، بَدَت تلك الطريقة المثالية للتواصل، و كأنّه كان لِزاماً أن أترك صوتي خلفي، وكأنَّ الصّوتَ هو ما يُحدث القطيعة دائماً ، وشيئاً فشيئاً كنتُ أترك الغيومَ تتزاحم في حلقي وينمو جدارٌ منيع بيني وبين كل الطّرق التي ما عادت تُؤدّي إلَيّ.

لَم أدرِ ، إنْ كان هذا الجانب الآخر للشجاعة أو الجُبن، تلك الشعرة الرفيعة لم تكن تتأرجح بل بدَتْ ساكنةً كشعرةِ عجوزٍ ، ترقدُ في بئر النسيان وما عادتْ الريح تُحرّكها..

يصعب التفسير أن تكون شجاعاً أو جباناً فكلاهما يجعلانك تخسر، عندما تجبن عن الحديث عمّا يؤلمك أو تُفكّر به لأنك لا تفكر بنفسك حينها بل تفكر فيما سيعتقده الآخرون عنك فأنت تخسر ، و عندما تكون شجاعاً وتواجه رعب الكلام وتسحبه بقوّة إلى الخارج، وتتحدّث عمّا يكمن بداخلك وتفكر به بمعزل عن الزوابع التي ستثور لاحقاً فأنت تخسر ، تكسرك كل الأصواتِ التي سمحتَ لها سابقاً بأن تعلو صوتك ، تشعرُ أن الدنيا تخذلك وأنّ منْ عوّلتَ عليهم هم أوَّل من يحملُ المعاول لاجتثاثك! 

عندما تَجبنُ عن الحديث عن مواطن الألم فأنت تكسرُ نفسك و عندما تكون شجاعاً للحديث عنها ، تَكسركَ الدنيا وفي كل الحالات تُصبحُ مكسوراً.

                         
    بقلم: تميمة الورد

0 التعليقات:

إرسال تعليق